((لقد كنت في غفلة من هذا ))
قال ابن الجوزي - رحمة الله
كأنك بالعمر قد انقرض ، وهجم عليك المرض ، وفات كل مراد وغرض ، وإذا بالتلف قد عرض أخاذا
(( لقد كنت في غفلة من هذا )) .
شخص البصر وسكن الصوت ، ولم يمكن التدارك للفوت ، ونزل بك ملك الموت فسامت الروح وحاذى
(( لقد كنت في غفلة من هذا))
عالجت أشد الشدائد ، فيا عجبا مما تكابد ، كأنك قد سقيت سم الأوساد فقطع ألاذا
(( لقد كنت في غفلة من هذا )) .
بلغت الروح إلي التراقي ، ولم تعرف الراقي من الساقي ، ولم تدر عند الرحيل ما تلاقي ، عياذا بالله عياذا
(( لقد كنت في غفلة من هذا )) .
ثم درجوك في في الكفن وحملوك إلي بيت العفن ، على العيب القبيح والأفن ، وإذا الحبيب من التراب قد حفن ، وصرت في القبر جذاذا
(( لقد كنت في غفلة من هذا )) .
وتسربت عنك الأقارب تسرى ، تقد في مالك وتقري ، وغاية أمرهم أن تجري دموعهم رذاذا
(( لقد كنت في غفلة من هذا ))
أن تقوم الساعة ، لا تجد وزرا ولا معاذا
(( لقد كنت في غفلة من هذا ))
ثم قمت من قبرك فقيراً ، لا تملك من المال نقيراً ، أصبحت بالذنوب عقيراً ، فلو قدمت من الخير حقيراً صار ملجأ وملاذاً ،
(( لقد كنت في غفلة من هذا ))
كم يوم غابت شمس وقلبك غائب ، وكم ظلام أُسبل سترهَ وأنت في عجائب ، وكم أُسبغت عليك نعمة وأنت للمعاصي تُواثب ، ، وكم صحيفة ملأها بالذنوب الكاتب ، وكم ينذرك سلب رفيقك وأنت لاعب ، يا من يأمن الإقامة قد زُمت الركائب ، أفق من سكرتك قبل حسرتك على المعايب ، وتذكر نزول حفرتك وهجران الأقارب ، وانهض عن بساط الرقاد وقل : أنا تائب ، وبادر تحصيل الفضائل قبل فوت المطالب ، فالسائق حثيث والحادي مُجدٌ والموت طالب.